التواصل التونسي-Ettawassel Ettounsi


*** مرحبا بك زائرنا الكريم في منتداك " التواصل التونسي " ***

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

التواصل التونسي-Ettawassel Ettounsi


*** مرحبا بك زائرنا الكريم في منتداك " التواصل التونسي " ***
التواصل التونسي-Ettawassel Ettounsi
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
التواصل التونسي-Ettawassel Ettounsi

إجتماعي - ثقافي - صحي - رياضي - ترفيهي عام

منتدى التواصل التونسي يرحب بضيوفه ويدعوهم للمشاركة ***
المواضيع والمشاركات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى وبذلك لا نتحمل أية مسؤولية عن المواضيع والمشاركات التي يتم عرضها أو نشرها في المنتدى من قبل الأعضاء ويتحمل صاحب الموضوع كامل المسؤولية عن أي مشاركة تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الآخرين أو أي طرف آخر

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

الشباب والسفر

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1الشباب والسفر Empty الشباب والسفر الجمعة 1 مارس 2013 - 9:29

Admin

Admin
Admin
Admin

كان
مجموعة من الشبان والشابات من الذين لا يتعدى عمر أكبرهم الـ22 عاماً
ينتظرون في قاعة المسافرين في مطار القاهرة لحظة الإعلان عن موعد ركوب
الطائرة المتّجهة إلى بيروت.

حملوا حقائب متعددة الأحجام والألوان وبعض الآلات الموسيقية، منهم من أطال
شعر رأسه من الذكور وارتدى بنطلون الجينز الفضفاض والهابط إلى ما تحت
الخصر، وزين أذنه بقرط، فيما غطّت مساحيق التجميل وجوه الإناث اللواتي كنّ
يرتدين أحدث تقليعات الموضة.

ثمة برنامج تلفزيوني لاختيار فنانين من الشباب العرب أتاح الفرصة أمام هذه
المجموعة المصرية لزيارة لبنان محققاً لهم حلم السفر الذي يدغدغ عقول
الأجيال الشابة وعواطفها، لكن فرص السفر باتت أكثر من أن تحصى وتعد، منها
بهدف السياحة ومنها بهدف الدراسة أو العمل، ناهيك عن السفر بداعي الهجرة.

وإذا كانت وكالات السفر تتنافس على تقديم الأسعار المخفضة وحتى تلك المقسطة
لجذب الشباب إلى اختيار رحلاتها التي عادة ما تقصد مناطق سياحية عربية أو
بلدانا أوروبية، فإن الجامعات خارج الوطن العربي تتنافس أيضا على استقطاب
طلابه فتكتظ الإعلانات في الصحف المحلية عن اختصاصات ودرجات علمية تغري
العديدين في الالتحاق بها لما لشهادات هذه الجامعات من أهمية في المجتمعات
العربية، أو لغياب الاختصاصات مستحدثة عن الجامعات المحلية.

شهد العقدان الأخيران ظاهرة الازدحام على أبواب السفارات لا سيما الأميركية
منها والأوروبية، حيث يقصدها الشباب للحصول على تأشيرات سياحية أو دراسية،
غير أن البعض كان يستقر في البلد الذي يقصده ويجهد في سبيل الحصول على
إقامة قانونية عبر اتباع الأصول القانونية أو عبر الزواج ممن يحمل جنسية
البلد المختار.

وإذا كانت اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر قد فرضت شروطاً قاسية على طالبي
التأشيرات فغربلت من فرص المتقدمين إلى حد أن الحاصل على التأشيرة يكون من
المحظوظين، إلا أن ذلك لا يلغي الحلم بالسفر في اتجاهات أخرى، فبات بعض
الشباب يتحدّث عن الشرق الأقصى، لكن دون التوقف عن التطلّع غرباً.

لا شكّ أن التطوّر الذي أصاب وسائل الاتصال أسهم في تعرف الشباب العربي إلى
حضارات وثقافات متعدّدة، لكن الأمر يبقى في إطاره النظري من خلال
الفضائيات وشبكة الإنترنت، فيما شجع التطوّر الذي طال وسائل الانتقال على
السفر برفاهية.

عوامل عديدة تكافلت ودفعت الشباب إلى حمل حقائبهم، مرتحلين، بحثاً عن عالم جديد يشبع فضولهم.

فما الذي أضافه السفر إلى تجاربهم اليافعة؟ وهل تغيرت نظرتهم إلى العالم؟
والى أين يرغبون بالسفر؟ هل سقطت مواقفهم المسبقة وأولياتهم أم صاروا أكثر
تمسّكاً بها؟ هل باتوا أكثر استعداداً لتقبّل الآخر أم ازدادوا انغلاقا على
أنفسهم؟

تجربة قطرية
الشباب والسفر Trioيقول
الشاب القطري خالد جابر (29 عاماً)، إنه كان في التاسعة من عمره حين بدأ
سفراته الأولى بصحبة الأهل لقضاء عطل الصيف، وكانت البداية إلى مصر ثم
تبعتها سوريا والمغرب ودول أوروبية، أبرزها لندن التي شكّلت وعي جابر
الأولي عن الغرب، فكانت بالنسبة إليه عالماً جديداً، ووجوها جديدة ولهجات
متعددة.

وكانت اللغة الإنكليزية وسيلة التواصل مع الآخر. يقول جابر: "بدأتُ أحب
المجتمع الغربي، أستهوي ثقافته ومسيرة تطوّره وأتساءل كيف وصل إلى هذه
الدرجات من الرقي الحضاري فيما نحن في بلداننا ما زلنا نراوح في أماكننا،
هل هي الفجوة ثقافية أم هي ذات أسباب سياسية؟ ولم أجد إجابات ولا حتى أنصاف
إجابات إلى أن جاءت الفرصة للدراسة في الخارج، وأردتُ انتهازها لأنها، في
اعتقادي، فرصة للتغيير ونضوج الأفكار والتجارب، لم أتمكّن من الدراسة في
لندن فقصدت الولايات المتحدة الأميركية ومحطتي الأولى كانت نيويورك، ثم
واشنطن، وانتهى بي المطاف في فلوريدا حيث درست في جامعة ساوث فلوريدا ونلت
الماجستير في الإعلام. وكانت تلك التجربة نقطة التحوّل الرئيسة في حياتي".

ويضيف جابر أنه كان يحمل أفكارا مسبقة عن الولايات المتحدة "نتيجة سياستها
الخارجية التي تعكس قوة وانحيازاً وغطرسة، لكن عندما تعرّفت إلى المجتمع
الأميركي عن قرب وجدت في مواقفي بعضا من التسطّح والانفعالية، وبدأت أتخلى
عن نظرية المؤامرة، وكان لا بدّ لي من العودة إلى بلدي، فدوري كمثقف يوجب
عليّ أن أحمل إليه مشاريع الإصلاح والتغيير، والهروب لم يكن مقصدي".

ولا ينكر جابر أنه لدى عودته وجد أن قطر قد تغيّرت أيضا، "فثمة انفتاح
اقتصادي وتنموي وإعلامي ما أعطاني دفعاً كبيراً للعمل، لكن المشكلة كانت في
التفاصيل وليست في التوجّه بعامة".

ويعتقد جابر أن تجربة السفر جعلته أكثر قبولاً للآخر وتسامحاً معه، وتغيّرت
نظرته للمرأة "فأساتذتي كانوا نساء.. ما يعني إن المرأة بإمكانها أن تلعب
دوراً كبيراً في المجتمع. أما سياسياً فأصبح خياري للديموقراطية أكثر
وضوحا، فقد خضتُ تجربة التصويت في الجامعة كتجربة فعلية ولم تعدْ حلما
بالنسبة لي، آمنتُ بالتعددية السياسية وبتُّ احترم رأي الأغلبية، والأقلية،
على حد سواء. أما اقتصادياً فتعلمتُ الاعتماد على النفس، وصرت أكثر حيوية
في طرح المبادرات وأخذ القرارات".

ويجد جابر الفرق شاسعا بينه وبين زملاء له لم يخوضوا تجربة السفر في
الاتجاهين، "فرفاقي العرب يقتنعون بوجهة نظري الجديدة لكن قناعتهم تترسّخ
بشكل أعمق إذا ما تسنّى لهم السفر. وفي المقابل فإن نظرة الشباب الأميركي
إلى العرب لا يجوز أن تقتصر على القشور، إذا جاءوا إلينا سيجدون أن لنا
شؤوننا وأحلامنا، وأننا شعب يعيش قضاياه في خصوصياتها".

جابر على قناعة تامة بأن السفر من أجل السياحة لا يوفر فرصة كافية للتعرّف
إلى المجتمعات الأخرى بقدر ما توفّرها الإقامة. ويقول: "إنا ضد الانعزال في
المجتمع الذي اخترتُ الإقامة فيه، وتلك هي أبرز الأخطاء التي يحاول العرب
تلافيها اليوم في المجتمعات التي يقيمون فيها من خلال الانخراط في النسيج
الاجتماعي لكن من دون الذوبان فيه والتخلّي عن الهوية. أما السلبيات فهي
موجودة في كل المجتمعات، أنا أبحث عن النموذج الصالح، هناك أشخاص أخطأوا في
تبني نموذج زائف تمّ تصويره لهم على إنه الأقرب إلى طريق الصلاح، وهذا خطأ
فادح يجب تلافيه".

ويعتقد خالد أن العالم صار صغيراً، "فأنا في قطر ما زلتُ قادراً على قراءة
الصحف الأميركية كما كنت أفعل عندما كنت في الولايات المتحدة، وما زلت
أستخدم بطاقات الصرف الآلي. أنا أعيش في حضارة عالمية لا يحدّها موقع
جغرافي معين".قد تكون تجربة خالد فريدة من نوعها، لكنها ليست حال الجميع.

لبنان: شبابه يهجره وغيرهم يؤمّه
الشباب والسفر Travel_agencyبيروت
التي تحتضن في جامعاتها طلاباً من جنسيات عربية مختلفة استقطبتهم إثر
أحداث 11 أيلول/سبتمبر، دفعت بدورها بدورها شباناً لبنانيين في اتجاه
الخارج.

يشير التقرير الوطني للتنمية البشرية في لبنان الذي صدر في عام 1998 عن
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار إلى أنه،
ولفترة طويلة سبقت اندلاع الحرب، اعتبر لبنان بلد الهجرة، فهاجر
اللبنانيون بالدرجة الأولى إلى الأميركتين وأفريقيا الغربية وأستراليا، ثم
تحوّلت الهجرة جزئياً باتجاه الدول المنتجة للنفط في المنطقة العربية. ومع
اندلاع الحرب الأهلية تم تقدير إجمالي الهجرة خلال الفترة الممتدة بين
السنوات 1975 و1990 بحوالي 900 ألف شخص، كثافة الهجرة هذه كان لها تأثيرها
الديموغرافي في البلاد لجهة انخفاض عدد السكان الذين هم في سن العمل ما
يؤشر إلى هجرة أوسع للذكور، ومعظم المهاجرين من المهنيين وأصحاب المهارات
النشيطة من القوى العاملة، وهو ما يوصف في لبنان بظاهرة "هجرة الأدمغة".

وبحسب الإحصاءات التي تضمنها التقرير فإن أعلى نسبة من هؤلاء المهاجرين
تتراوح أعمارهم بين 25 و29 عاما يليها مباشرة الذين تتراوح أعمارهم بين 20
و24 عاماً.

وسبب الهجرة الأكثر تكراراً كان العمل بنسبة 62%، يليه متابعة الدراسة 21%،
أما هجرة الإناث فهي غالباً ما كانت للالتحاق بأعضاء آخرين من الأسرة أو
بهدف الزواج.

بترا اللبنانية البالغة 18 عاماً والتي ما زالت في سنتها الأولى في كلية
الحقوق في الجامعة اللبنانية، وهي جامعة وطنية، تريد متابعة دراستها في
إيطاليا التي كانت قصدتْها قبل سنة للالتحاق بوالدها وأشقائها الذكور حيث
يعملون فيما تعيش مع والدتها في بيروت.

تقول بترا: "قضيتُ ستة أشهر تعرفت خلالها إلى المجتمع الإيطالي، أحببت
طريقة تعاملهم ولاحظت أن كل الخدمات متوافرة للناس، وأكثر ما لفتني
ممارستهم لحرياتهم، وأنا اليوم أريد العودة إلى هناك".

زميلها طارق البالغ 19 عاماً من عمره لم يَخُضْ بعد تجربة السفر لكنه يخطط
لزيارة بلغاريا حيث لديه أقارب هناك وهو يتطلّع "للتعرف إلى حضارة أخرى
وطبيعة مختلفة".

أما حسن مصطفى الذي لم يتجاوز الـ22 عاماً فيختلف عن باقي زملائه بأنه ولد
في كنشاسا في دولة الكونغو حيث هاجر أهله إلى هناك في بداية الحرب وعاش
لسنوات في القاهرة ثم في ألمانيا وعاد إلى لبنان بعد انتهاء الحرب فيه،
يقول: "ليتني لم أعد، إني أرى أخطاء في المجتمع اللبناني لم أجدها في أمكنة
أخرى وليس معنى هذا أن المجتمعات الأخرى هي في حالة من الكمال! فأنا لا
أجرؤ مثلاً على مصادقة فتاة صداقة بريئة لأن الناس يثرثرون، وإذا حاولتُ أن
أتحدث عن قناعاتي وما شاهدته في الخارج وحاولت إقناع الآخرين بالتغيير
فإنهم لا يقبلون الحوار لأنهم محافظون وتقليديون. وأنا لا أستطيع أن أمارس
استقلاليتي الذاتية فأنا مقيّد بروابط عائلية وعاجز اقتصاديا, حتى حريتي لا
أستطيع ممارستها ولا حتى حرية إبداء الرأي في الجامعة، أحاول أن أحيط نفسي
بدائرة صغيرة من الأصدقاء الذين تنسجم أفكارهم مع أفكاري، ولا أستبعد
احتمال السفر، وتحديداً إلى فرنسا، لمتابعة دراستي ثم العودة إلى أفريقيا
للإقامة هناك، أنا أفضل البقاء في بلدي لو توافر لي العمل".

الشباب والسفر Gadتجربة
السفر التي خاضها جاد سلمان صاحب الـ21 عاما، والذي يتابع دراسته في إدارة
الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، والتي شملت إيطاليا بداية ثم
الولايات المتحدة لمرتين: الأولى بهدف السياحة، والثانية للعمل في محطة
بنزين وكمحاسب على صندوق في سوبر ماركت لمدة شهرين، أكسبته صفات لم يكن
يتمتع بها لعل أبرزها الاعتماد على النفس.
يقول سلمان: "حاولتُ الانفتاح على الآخر الذي كان لديه مفاهيم مسبقة عني ما
جعلني غير مقبول من جانبه. هم يحكمون علينا من خلال صورة نمطية يسقطونها
علينا جميعاً، وهذا ليس عادلاً".

وفي المقابل ينتقد سلمان الحرية التي يمارسها الآخر. فهو يعتقد أن "الحرية
مسؤولية وليس كما تمارسها الفتاة في الغرب"، ويقول: "إن الشعب الأميركي لا
يفهم حقيقتنا لأن ثمة إعلاما يشوه له هذه الحقيقة وهم يصدقونه، هم يظنون
أننا نكرههم وهذا خطأ. أنا عندما عايشت الأميركيين فهمت حقيقتهم وتغيرت
نظرتي المسبقة عنهم. ما نفعله في شرقنا أننا نقلّد القشور في المجتمع
الغربي، إننا في تقليدنا نتحوّل إلى مجتمع استهلاكي بينما الغرب هو مجتمع
منتج وهذا هو الفارق الاستراتيجي بيننا".

روان صعب التي تبلغ الـ22 عاما من العمر تتابع دراسة الطب في الجامعة
الأميركية بعدما أنهت دراسة اختصاص مختبر، كانت انتقلت طفلة من لبنان إلى
فنزويلا ثم إلى لندن ومنها إلى قبرص حيث أقامت لمدة 13 عاماً مع أهلها
بعيداً عن الحرب في لبنان، وهي حالياً تزور هذه الجزيرة المتوسطية كلما
سنحت لها الفرصة إضافة إلى سفرات أخرى شملت كندا، تعتقد أنها مختلفة عن
رفاقها بسبب تجربة السفر التي خاضتها.

تقول صعب: "هناك ما يشبه الصورة النمطية (الستيريوتايب) في لبنان، فمثلاً
هناك قناعة لا أعرف ما هو مصدرها بأن البريطانيين هم شعب بخيل، وحين أحاول
أن أغيّر هذه الصورة المسبقة فإن قلة تقتنع".
زينة سكرية صاحبة الـ23 عاما والتي تعمل مشرفة على قسم التسليم في شركة
"أميركانا" وتتابع دراستها لنيل الماجستير في إدارة الأعمال والتسويق وهي
حائزة أيضا على شهادة بكالوريوس في السياحة والسفر، كانت بدأت تجربتها مع
السفر من خلال مشاركتها في فرق كرة السلة المدرسية والتي قادتها إلى الأردن
وإسطنبول وباريس ومصر ودبي إلى جانب سفرات سياحية أخرى شملت الجزر
اليونانية، على أن إقامتها في مصر لمدة شهر بعدما أوفدتها شركة "أميركانا"
إلى هناك للتدريب شكّلت التجربة الأبرز في حياتها.

تقول سكرية: "كانت السفرات الأولى للمتعة والتسلية ولم تترك في نفسي أثراً
يذكر، على أن الاختلاط مع الفرق الرياضية الأجنبية كان يعرّفني إلى تقاليد
وعادات لشعوب مختلفة، وقد شكل الحوار مدخلا لفهم الآخرين، واللغة لم تكن
مشكلة إنما الصعوبة في التفاهم وبناء العلاقة، فثمة أفكار سلبية وإيجابية
مسبقة لدى الجميع".

وتشير زينة إلى أن تجربة السفر جعلتها أكثر مسؤولية تجاه حريتها الشخصية، وأكثر مرونة في تعاطيها مع الآخرين.

وتؤكّد قائلة: "علمني السفر أن أكون اجتماعية وأساير الجميع، لقد اكتشفت إن
دهشتي تجاه أمور يمارسها أوروبيون أو أميركيون هي خاطئة، وعندما جلست معهم
اكتشفت أننا نقوم بتقليد نموذج محدود في مجتمعهم، وهم ليسوا هكذا. إنهم
طلاب يحترمون أنفسهم ولا يتدخّلون بأمور الآخرين، ينطقون بما هو مطلوب منهم
ويلتزمون بما هو متوجّب عليهم. إنهم يحترمون الوقت، حتى إنني تعرفت إلى
شاب من عائلة ملكية، واكتشفتُ أنه يعمل على رغم أنه غير محتاج للعمل لتأمين
مصدر للدخل. احترمتُ فيهم أشياء كثيرة لكن ما استهجنته هو ضعف الروابط
العائلية. لقد كان رفاقي الأجانب يكتفون بإرسال رسالة إلكترونية إلى أهلهم
لطمأنتهم على أحوالهم ويستغربون إصراري على الاتصال هاتفياً بأهلي".

كلما سافرتْ زينة سكرية إلى الخارج تحمل معها صورا فوتوغرافية تعرضها على
أصدقائها وتحاول من خلالها أن تخبرهم عن ذلك العالم المجهول بالنسبة إليهم،
"عالم يصنّفونه بأنه الأسوأ نتيجة المواقف المسبقة، وأنا أحاول أن أقنعهم
بأنه أفضل في أشياء كثيرة، فحرية الفرد مصانة وهناك احترام للكفاءات". إنه
الأمر الذي تفتقده زينة في بلدها والذي يجعلها تفكر في هجره إلى دولة
أوروبية حيث جهد الفرد وطاقاته هما موقع تقدير بالغ.

علي منصور، الذي لم يتجاوز الـ21 عاما من عمره، طالب سوري قصد لبنان قبل
ثلاث سنوات للدراسة في الجامعة الأميركية، وكانت له سفرات سابقة إلى مصر
وإيطاليا بقصد السياحة، "لكن تجربة لبنان علمتني الاستقلالية والاتكال على
النفس وأن أكون اجتماعياً".

يقول منصور: "كنت أعيش في مجتمع شبه مغلق، كل الناس يعرفون بعضهم بعضاً
وجئت إلى لبنان حيث لا أعرف أحدا، أمور كثيرة تغيّرت، هنا مفهوم الحرية
اتخذ شكلاً أوسع، الناس مختلفون في طريقة تفكيرهم، حتى إن علاقة الشباب مع
أهاليهم مختلفة، في سوريا هناك مجتمع تقليدي محافظ أما في لبنان فالنظرة
إلى الأمور مختلفة، لقد تعرفت على أنماط مختلفة من الفتيات، ومع ذلك فإن
العلاقة تحافظ على براءتها، في سوريا لا مجال للصداقة".

وعلى الرغم من كثرة الإيجابيات، فقد وجد علي صعوبة في الحوار مع الآخر
اللبناني، "لأنني سوري، فاللبنانيون لديهم ردة فعل سلبية تجاه السوري، إنهم
يحكمون على الجميع من خلال ممارسة معينة، إذا أخطأ أحدهم فليس معنى ذلك
أننا كلنا مخطئون، هذا الأمر يضايقني كثيرا، وأضطر في بعض الأحيان إلى أن
أدّعي أنني من شمال لبنان وأنكر سوريتي، لكن ثمة أشخاصا يتفهمون الأمر وأنا
حريص على صداقتهم". ويتطلع منصور إلى متابعة دراسته في الولايات المتحدة
الأميركية، "حيث التعليم أفضل والخبرة المكتسبة أكبر".

ولا يعتقد الشاب الأردني سيف سنقراط، صاحب الـ20 عاماً، أن السفر هو الذي
يدفع الناس إلى تغيير نظرتهم إلى العالم. فهو يعيش في لبنان منذ ثلاث سنوات
للدراسة، وسفراته قادته إلى الإمارات والسعودية وتركيا والعراق وسوريا
واليونان وأسبانيا وألمانيا والنمسا وسويسرا وفرنسا وإيطاليا وماليزيا
وإنكلترا. يقول: "عملني السفر أن أغيّر من طريقة تعاملي مع الناس، تعرّفت
إلى حضارات مختلفة، وفي لبنان تعلمت الاستقلالية، السفر في نظري لا يغير من
القناعات إنما من طريقة التفكير، وإذا كان الشخص مرناً في طبيعته فلديه
قدرة على تقبّل الآخرين".

الشباب والسفر Girlالطالبة
ليلى أبو غزالة فتاة سعودية من أصل فلسطيني ووالدتها فرنسية، هذا المزيج
من الجنسيات أكسبها شخصية مختلفة عن الآخرين وأسهم في ذلك تنقلها الدائم،
فهي تعيش في لبنان بشكل مستقل منذ ثلاث سنوات، وكانت قد زارت سوريا
وماليزيا وإنكلترا بهدف السياحة.

تقول ابنة العشرين عاماً المحجبة: "إن الفتاة في السعودية تعيش حالة من
الكبت، هنا في لبنان يوجد كل ما أريده، لقد تغيّرت نظرتي إلى الناس وتعلمت
كيفية التفكير بطريقة مختلفة. حين أعود إلى السعودية أشعر أن الهوة بيني
وبين رفيقاتي كبيرة، فهن يعشن في عالم مغلق، وكثيراً ما يتحمّسنَ الى خوض
تجربتي بعد الاستماع إلى أخباري".

وتشير أبو غزالة إلى أن علاقتها مع أهلها اختلفت، "فصرت أكثر استقلالية،
وحاجتي لهم تقتصر على الأساسيات، وهم باتوا يأخذون برأيي في أمور عدّة،
ويبدون احتراما لخبرتي المتواضعة في الحياة". أكثر ما تغيّر في تفكير أبو
غزالة أنها باتت تخطّط للعمل وهو أمر لم يكن وارداً في السابق.

مصر: تقبّل لفكرة السفر وخلاف على التغيير
يرى غالبية الشباب المصري أن تجربة السفر مفيدة، وأنها قادرة على إحداث
تحوّلات جذرية في نظرتهم إلى العالم، وإلى أنفسهم، والى بلدهم، خصوصاً إذا
كان السفر إلى بلدان ذات طابع ثقافي مغاير، ولكنهم يختلفون في مدى تقبلهم
لهذه التحوّلات.

ويؤكّد خالد محمد علي البالغ 31 عاما من العمر أن تجربة سفره إلى الكويت،
التي يعمل بها حاليا كمهندس معماري، أحدثتْ تحولا كبيرا في نظرته إلى
العالم، وإلى دولة الكويت ومواطنيها أنفسهم. يقول علي: "عندما كنت في بلدي
كنت أستمع إلى وجهة نظر واحدة، لكنني الآن أستمع إلى وجهات نظر مختلفة،
منها الصحيح ومنها الخطأ، ولكني أحترمها جميعا".

ويشير علي إلى أن الاختلاف في وجهات النظر يعلّمه كيف يسعى إلى إيجاد تقارب
في ما بينه وبين الآخرين، وهو يتطلّع إلى زيارة كل دول العالم، وخصوصاً
دول شرق آسيا وماليزيا تحديدا. على أن نسبة كبيرة من الشباب يحلمون بالسفر
إلى أميركا وأوروبا، وإن كان هناك تراجع ملحوظ في هذه الرغبة في أعقاب وقوع
اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر.

وهناك وجهتا نظر تحكمان آراء الشباب حين يبدأ الحديث عن السفر إلى الغرب،
الأولى تسلم بالاختلافات الواضحة بين الحضارتين وتتقبل هذه الاختلافات
وتبدي استعدادا للتغيير، والأخرى ترفض أي تغيير يمس ثقافتها الشرقية.

يبدي سامح أحمد ماهر، الذي لم يتجاوز الـ24 عاما، رغبة عارمة في السفر إلى
إحدى الدول الأوروبية لمتابعة دراساته في مجال الإرشاد السياحي. ويقول:
"أنا معجب بأسلوب الحياة الغربية، وأرغب في السفر إلى أوروبا والزواج من
إحدى الفتيات الغربيات كي أتمكن من الحصول على إذن قانوني للإقامة في
بلدها، وربما تحول زواجي بها إلى زواج فعلي إذا ما حدث بيننا انسجام
وتقارب".

ويعترف ماهر بأنه يدرك تماما أن هناك اختلافات كثيرة بين بلده العربي
وبلدان الغرب، إلا انه يؤكد بقوله: "أنا أعلم أنني حين أسافر إلى أوروبا
سأتغيّر نظرا لوجود اختلافات بين ثقافتي الشرقية وثقافة الغرب، وأنا أقبل
بهذا التغيّر لأنه سيكون إلى الأفضل".

ويتبنى أحمد جمال محمد، صاحب الـ19 عاما والطالب بكلية التجارة بجامعة
القاهرة، وجهة نظر أخرى: "أنا أرى أن السفر إلى أميركا وأوروبا جيد بهدف
الدراسة فقط، وقد أقبل البقاء هناك للعمل إذا ما وجدت فرصة وظيفية في نفس
مجال تخصّصي". ولا يسقط إمكانية تغيير وجهة نظره فالسفر "أمر جيد ومفيد إذا
لم يمسّ القيم والمعتقدات التي تربّيتُ عليها منذ طفولتي".

أما محمد سعيد عبد الله، الذي يبلغ الـ24 عاما، وهو طبيب بيطري يعمل في
مجال الترويج للأدوية في إحدى الشركات العاملة في مصر، فهو يمثل وجهة نظر
قلة نادرة من الشباب الرافض للسفر إلى الخارج، ولفكرة التغيير في آن. يقول
عبد الله: "إن السفر سيجعله يفقد "جواً معيناً" يعشقه في بلده، ولن يجد له
مثيلا في العالم"، لافتاً إلى أن "أغلب المصريين يسافرون إلى الخارج لجمع
المال، ويعتقدون بأنهم نجحوا إذا ما حصّلوا أكبر قدر منه".

ويضيف الطبيب الشاب قائلاً: "أعتقد أنني لو جلبت أموالا طائلة ثم عدتُ مع
أطفالي من الخارج ووجدتهم يعانون صعوبات في عدم التكيّف مع مجتمعهم الأصلي،
فسأشعر بأنني فشلت تماماً".

ويعرب عبد الله عن اعتقاده بأن الذين يسافرون إلى الخارج، "يقعون في خطأ
آخر"، متسائلاً "لو بقيتُ في الخارج لمدة 20 عاماً مثلاً، وجمعت أموالاً
كثيرة، ثم عدتُ فسيكون عمري حينها 44 عاماً، وسيكون من الصعب أن أجد عملاً
مناسباً في بلدي، وإذا ما فكرت في استغلال ما لدي من أموال في مشروع، قد لا
تكون لي خبرة به، ولو كانت الأحوال الاقتصادية على ما هي عليه الآن فسأخسر
كل ما معي من أموال، وأبقى صفر اليدين".

تونس: "ديمة" في البال
من إجمالي الشعب التونسي الذي يبلغ 9 ملايين، هناك أكثر من مليون مهاجر إلى
الخارج، وخصوصاً إلى أوروبا وفرنسا وألمانيا، معظمهم لهدف الدراسة والعمل.

أما عن كيفية الوصول إلى ضفاف المتوسط الشمالية وفي حال تعذّر الحصول على
تأشيرة سفر، فلا بأس من المغامرة قليلاً، ولا سبيل سوى طرق أبواب أخرى غير
أبواب السفارات التي أقفلت أبوابها في وجوههم، كأن ينتقل عدد من المهاجرين
بواسطة قوارب صغيرة إلى أقرب منطقة من ضفاف البلد الهدف، وهذا ما يسمى
بـ"الحرقان" وهذا حال بلدان أفريقية كثيرة.

وقد يستغل الشاب فصل الصيف حيث يكثر السياح والمجموعات السياحية، مستفيداً
من طلاقة لسانه بلغات أجنبية عدة ومن قدرته على ملاطفة السياح بكلمات يسعى
من خلالها إلى عرض خدماته لنقلهم بين المناطق السياحية والاصطيافية، وبذلك
يتحوّل إلى دليل سياحي يمكن أن يشكّل الأمل الأكبر في دخول أوروبا من أوسع
أبوابها بعد أن يكون قد أقام علاقات متينة مع أفراد المجموعة فيساعدونه
للحصول على التأشيرة حال دعوتهم إلى بلدانهم.

ويتوجه التونسيون إلى بلدان عدة سواء أوروبية أو عربية بغية العمل أو الدراسة أو التجارة بالإضافة إلى السياحة.

حسان طالب في السنة الثالثة في جامعة العلوم القانونية يبلغ الـ23 عاماً،
اعتاد السفر لأجل السياحة والتجارة في آن واحد. زار فرنسا وألمانيا ثم
الجزائر، ومنذ فترة قصيرة زار سوريا.

يقول حسان: "كأي شخص، أحب السفر، سافرتُ حيث لي أقارب أو معارف ما يقلل من
مصاريفي، في البداية كنت أسافر لأجل السياحة فقط، لكن نصحني الأصحاب
والأقارب بأن أشتري بضائع كالملابس مثلاً من البلد الذي أزوره وأسوّقها في
بلدي على مستوى المعارف فأغطي جزءاً من تكاليف الرحلة، إن لم يكن كلها،
إضافة إلى مصروفي الخاص أحياناً، وهذا ما فعلت".

أما راوية صاحبة الـ19 عاماً، فهي دائمة التنقّل مع والدها الذي يسافر
كثيراً لمتابعة تجارته، وتقتصر سياحتها على التسوّق كي تتباهى أمام
صديقاتها بما تُحضر من ملابس، وعطورات "سينييه".

تقول راوية: "إن أجمل ما في السفر هو أن تشتري ما تشاء من ملابس وعطورات
وأدوات تجميل بماركات مختلفة". ولا تحتاج هذه الفتاة إلى إتقان لغات تسهل
التواصل مع الآخرين، بل إن أحد العاملين مع والدها يترجم ما تسمع وما تريد
أن تقوله.

الدراسة كانت الدافع بالنسبة لإيمان البالغة 23 عاماً من عمرها، لتستمر في
الإلحاح على والدها للسماح لها بالسفر إلى فرنسا، هي طالبة دراسات عليا في
معهد الصحافة وعلوم الأخبار، اعتبرتْ أن الأمر بالسهولة التي تتصوّر، كيف
لا وأخوها يقيم في مدينة نيس الفرنسية.

الشباب والسفر Planes380

تقول إيمان: "تمنيتُ السفر دائماً، في البداية وعدني والدي بالسفر فور
الانتهاء من امتحانات الشهادة الثانوية، لكنه رفض بعد نجاحي بحجة أنني
صغيرة، وأرجأ السفر إلى ما بعد تخرجي وانتقالي إلى الماجستير". التخرّج لم
يغيّر في الأمر شيئاً. ولكي يغريها والدها بالبقاء أصدر لها رخصة قيادة
سيارة ووعدها بسيارة.

تقول إيمان: "ها أنا ذا في مكاني أتمّم دراساتي العليا في نفس المعهد بعد
أن رمى أبي بوعوده عرض الحائط، وأصر على بقائي معه في تونس".
أما حسان المبطن فهو يعتبر السفر وسيلة يتعرّف من خلالها على حياة الآخرين ويكتسب الخبرة والاعتماد على الذات.

ويقول المبطن: "إنها الرغبة والفضول في معرفة حياة الآخرين وعاداتهم". وهو
لم يجد أيّ فرق يذكر سوى في العلاقات الاجتماعية بين بلده تونس وسوريا التي
زارها. ويعتقد أن العلاقات في العالم العربي يمكن أن تكون حميمة بعض الشيء
مقارنة مع الغرب، لكنه في كل من ألمانيا وفرنسا وجد الحرية ونوعاً من
الاستقلالية عن قرارات الأهل.
يقول المبطن: "صحيح أن تونس لها طابع يقارب الطابع الأوروبي في الحياة، لكن الاختلاف موجود".

ويتابع حسان كلامه متحدّثاً عن الحرية والاستقلالية بقوله: "لكن بعيداً عن
هذا وذاك فإن للسفر نكهة أخرى، فالخروج والسهر والأفكار الجنونية التي يمكن
أن تنتابك وأنت تسير في أحد الشوارع دون التخوّف من قيود المجتمع وعاداته
يدفعك إلى الرغبة في البقاء لفترة أطول".

على أن المبطن يفضل تونس بشوارعها، ورائحة الشيشة المنبعثة من المقهى في
أول حارته، ويقول: "لا أطمح إلى العيش في الخارج، البعض يسعى وراء حياة
أفضل، وفرصة عمل مريحة، لكن إن لم نجدها هنا فهل من السهل إيجادها في
الخارج، وهل ستكون الحياة مريحة في الغربة؟".
بالنسبة لإيمان فإن السفر هو مفتاح الخبرة في دراستها، وهي تختلف نوعاً ما مع المبطن في رأيه حول تحقيق الذات.

تقول إيمان: "كثيرون الذين استطاعوا أن يثبتوا أنفسهم في أوروبا، كما أن
الصحافة تتطلب الحرية وإمكانية ممارستها، ولا أرى ضرراً من الاستقرار في
الخارج حيث تتوافر الحرية والاستقلالية في اتخاذ القرارات، صحيح أنني لن
أستطيع التأقلم، حسب ظني، بسرعة أو بسهولة نظرا لنمط الحياة والتربية
المختلفة نوعا ما عن النمط الأوروبي الحر، إلا إنني لا أرى مفراً".
إيمان تعي أن الجاليات العربية في فرنسا تواجه مشاكل في التأقلم هناك والتي
تصفها بقولها: "تعيش منعزلة في أحياء فقيرة بعيداً عن المناطق الحيوية،
البعض فقط يتمكن من الاندماج في مجتمع غريب".

السفر أمنية في المغرب
يعتبر السفر إلى الخارج أمنية حقيقية لدى الشباب المغربي بالرغم من أن
الإحصاءات في المغرب تشير إلى أن هناك أكثر من مليون و400 ألف عاطل يشكل
الشباب ما بين 25 و35 سنة أغلبهم.

وقد شكّل السفر إلى دولة السويد صدمة ثقافية حقيقية بالنسبة للصحفية
المغربية أسماء التي تبلغ من العمر 32 عاماً، وهي التي اعتادت منذ زمن طويل
السفر إلى بلدان عربية مختلفة، لكنها دول كانت تقتسم مع بلدها الأصلي
المغرب العديد من القواسم المشتركة. أما السويد فكان شيئا آخر، حياة أخرى
ونظام آخر.

تقول أسماء: "هنالك تعلمت أن للوقت الكثير من القيمة وأن الموعد ينبغي
احترامه، كما أن معاملة المرأة كانت مختلفة عن كل ما شهدته، فقد تصادف سفري
مع الفترة التي كنت فيها حاملا، فوجدت أن اهتمامهم بالمرأة الحامل يفوق
بكثير كل ما توقعته عن احترام حقوق الإنسان في الغرب، الإنسان الحي أو
القادم إلى الحياة"!

أما سلوى، صاحبة الـ26 عاما، من مدينة مراكش وهي موظفة في إدارة عمومية
فتقول: "لم أسافر إلى الخارج في حياتي لصعوبة الحصول على الفيزا، لكنني
قمتُ بأسفار عديدة وكثيرة داخل المغرب، زرت كل المدن أو معظمها. كانت
البداية برفقة عائلتي الصغيرة قبل أن أبدأ باكتشاف متعة السفر برفقة
الأصدقاء والصديقات.

ألجأ لخدمات وكالات الأسفار في المغرب خاصة حين يتعلق الأمر بالرحلات
المنظمة إلى المدن البعيدة ونسافر في مجموعات صغيرة برفقة صديقات وأصدقاء
اعتدنا السفر معهم في رحلاتنا. نقابل دوما أشخاصاً مختلفين تستمر علاقتنا
بهم حتى بعد العودة من السفر. صحيح أن السفر لا يخلق صداقات قوية لكنه يؤسس
لمعارف وأشخاص من ثقافات مختلفة، نقف أمام نماذجهم طويلا."

هند السكرتيرة التي تبلغ من العمر 29 عاما، تتحسّر على ما فاتها دون أن
تستطيع أن تخطو أية خطوة دون الرجوع إلى عائلاتها. تقول هند: "كلمة السفر
ممنوعة في البيت ورغم أننا نعيش في ظل عائلة عصرية لكن السفر دائماً مشروط
بصحبة العائلة سواء داخل المغرب أو خارجه مما يحرمني من فرصة التعرّف على
شبان وشابات لهم عمري واهتماماتي. فأمي مثلا لا يهمها زيارة المتاحف ولا
التنزّه في طرقات المدينة العتيقة بقدر ما تلهث وراء زيارة الأسواق وشراء
الملابس والبضائع".

وإن كان السفر يشكل متعة حقيقية للبعض فإن مصاريفه كبيرة بالنسبة لغالبية
الشباب، كما هي حال محمد الذي يكتفي بالسفر برفقة عائلته كل صيف، في انتظار
أن يحقّق حلمه الكبير بزيارة روما الجميلة التي قرأ وسمع عنها الكثير عبر
الكتب والإنترنت. لكنه يردّ علينا حين نسأله عن السفر عبر الإنترنت: "ليس
من لمس ورأى كمن تابع المشهد عبر الشاشة".

هل ندرك فعلاً لماذا نسافر وما الذي نجنيه من السفر؟
يصنّف مؤسس ونائب رئيس الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع الدكتور زهير حطب
الشباب الذي يعيش تجربة السفر إلى ثلاث فئات ويقول: "إن السفر أصبح هدفاً،
إن لم نقل غاية، لشرائح كبيرة من الشباب من مختلف المستويات. فهناك فئة من
لم يحصّل العلم، وهناك الفئة التي تسعى من خلال السفر إلى متابعة دراساتها
العليا، وثمة فئة ثالثة من الشباب المستقل الذي فتحت أمامه وسائل الإعلام
والفضائيات فرصاً للاستعلام والتساؤل عن حقيقة ما يرونه على الشاشات على
أرض الواقع، أما من يتخذون قرار الهجرة النهائية فهم من فئة من استعد للأمر
عبر رحلات متعددة تحضيرية وقرر، تاليا، مغادرة بلده".

ويعتقد الدكتور حطب أن النتيجة التي ينتهي إليها كل شخص من السفر مختلفة اختلافاً نوعياً عما قد يفضي إليه الآخرون.

ففئة غير المتعلمين، كما يقول حطب "غاية السفر لديها التسلية والترفيه
والتمتع ببعض المنجزات المتوافرة في بلاد الخارج، إنها محطة بين مرحلتين في
حياتهم، يتم من خلالها تجديد قواهم وطاقاتهم وتنتهي بتعبئة مخيلتهم
وذاكرتهم بأحداث يستعملونها في محيطهم الاجتماعي بعد العودة لإبراز تمايزهم
وإغناء تجربتهم من دون الدخول إلى استنتاجات كبرى.

على أن هذه الفئة تكون مرنة أكثر تجاه المتغيرات، ويمكن أن تشكّل مدخلاً لنشر أفكار جديدة عبر نشطاء في صفوفها".

أما الفئة الراغبة في تحصيل العلم، فإن الخارج يكون قد تبلوَر أصلا في
ذهنها من خلال المرحلة الدراسية في البلد الأم بحيث يختزل الخارج إلى مجرد
مصدر للإنجاز العلمي والتعليم الجيد وفرص العمل".

أما الفئة الثالثة، فيرى أستاذ علم الاجتماع أنها تقترب بمواصفاتها العامة
من الفئة الأولى لكنها أكثر تحصيلاً ووعياً، ويفسح السفر أمامها مجالا
واسعا لإجراء المقارنات، ليس على مستوى المشاهد السطحية أو الظواهر العامة
فحسب، إنما بنظرة جادة ومعمقة للخلفيات السياسية والاجتماعية لاستخلاص
العبر".

ويضيف حطب قائلاً: "السفر بالنسبة لبعض الشباب هؤلاء هو وسيلة لغاية بعيدة،
فهم يعتبرون السفر الطريقة الأفضل للانقطاع عن الواقع المأزوم والمعقّد
الذي لم يقدّم لهم أي مكاسب أو إنجازات. أما ما تحمله البلاد التي سينتقلون
إليها من تناقضات وما سيكون موقعهم فيها وما هي صعوبات الاندماج الاجتماعي
إذا ما قرروا العمل فأمور لا تخطر على بالهم البتة".

الهوية الذاتية والتغيير
لا يسقط الدكتور حطب من الاعتبار كون حركة التغيير الاجتماعي في بلداننا
العربية قد أصبحت، رغم كثرة العوامل الضاغطة والتغييرية مجتمعة من ثقافية
وإعلامية واقتصادية وسياسية، أقل مرونة عما كانته في فترات سابقة، "لأن
المحافظة على الواقع القائم حالياً اتخذ طابع حماية الهوية والثقافة
القومية. وأن أي محاولة للتغيير ستودي، بحسب أصحاب هذا الرأي، إلى الذوبان
في تيار العولمة الذي توجهه الثقافة الأوروبية والأميركية
منقول


















الشباب والسفر Clear

https://ettawassel-ettounsi.forumarabia.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى